قوله تعالى ﴿فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ﴾
فصل
قال الفخر :
﴿فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ﴾ الضمير في قوله ﴿لَهُ﴾ يحتمل أن يكون عائداً إلى العافي أو إلى المعفو عنه، أما الأول فالتقدير أن المجروح أو ولي المقتول إذا عفا كان ذلك كفارة له، أي للعافي ويتأكد هذا بقوله تعالى في آية القصاص في سورة البقرة ﴿وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ للتقوى﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ] ويقرب منه قوله ﷺ :" أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من بيته تصدق بعرضه على الناس " وروى عبادة بن الصامت أن رسول الله ﷺ قال :" من تصدق من جسده بشيء كفر الله تعالى عنه بقدره من ذنوبه " وهذا قول أكثر المفسرين.
والقول الثاني : أن الضمير في قوله ﴿فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ﴾ عائد إلى القاتل والجارح، يعني أن المجنى عليه إذا عفا عن الجاني صار ذلك العفو كفارة للجاني، يعني لا يؤاخذه الله تعالى بعد ذلك العفو، وأما المجنى عليه الذي عفا فأجره على الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٨﴾
وقال الآلوسى :
﴿ فَمَن تَصَدَّقَ ﴾ أي من المستحقين للقصاص ﴿ بِهِ ﴾ أي بالقصاص أي فمن عفا عنه، والتعبير عن ذلك بالتصدق للمبالغة في الترغيب ﴿ فَهُوَ ﴾ أي التصدق المذكور ﴿ كَفَّارَةٌ لَّهُ ﴾ للمتصدق كما أخرجه ابن أبي شيبة عن الشعبي وعليه أكثر المفسرين، وأخرج الديلمي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله ﷺ قرأ الآية فقال :" هو الرجل يكسر سنه أو يجرح من جسده فيعفو فيحط عنه من خطاياه بقدر ما عفا عنه من جسده، إن كان نصف الدية فنصف خطاياه، وإن كان ربع الدية فربع خطاياه، وإن كان ثلث الدية فثلث خطاياه، وإن كان الدية كلها فخطاياه كلها "