ومن فوائد الشيخ محمد أبو زهرة فى الآية
قال رحمه الله :
( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه )
فى هذا النص السامى، نجد بعض إشارات بيانية تشير إلى مكانة القرآن بين الكتب السماوية، وتبدو هذه الإشارات فى ثلاث نواح :
الناحية الأولى - أنه سبحانه لم يقل وقفينا على آثارهم بمحمد أو نحو ذلك، بل بين سبحانه أنه أنزل الكتاب، وفى ذلك إشارة إلى معنى استقلاله، وأنه لم يكن فيه تبعية لغيره من الكتب، بل هو مستقل بالمكانة منفرد بها من غير تبعية أيا كان نوعها، وأيا كان مقدارها، وذكر الكتاب دون ذكر النبى ( ﷺ ) صراحة للإشارة إلى مكانة الشريعة الإسلامية وكتابها الكريم الباقى والخالد إلى يوم القيامة، وهو معجزة النبى ( ﷺ ) وإذا ذكرها سبحانه فى مقام الإكبار والتفخيم يكون بيانا لمكانة الرسالة المحمدية، وبيان أن حجتها أقوى الحجج، وأشدها تثبيتا، وأبقاها فى هذا الوجود، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الكتاب من غير تعريف سوى ذلك، و(أل) كما قال علماء اللغة للعهد، وفى ذلك إشارة إلى كماله، أى أنه " الكتاب " الذى هو جدير باسم الكتاب، بحيث إذا أطلق اسم الكتاب لا ينصرف إلا إليه ؟ لأنه الفرد الكامل من بين الكتب فى هذا الوجود.
وقد زاده الله تعالى شرفا فنسب الإنزال إليه سبحانه، وفى ذلك تأكيد لمنزلته العالية السامية.