وينبغي أن يحمل قول الزمخشري : مقتولة ومفقوأة ومجدوع مقطوعة على أنه تفسير المعنى لا تفسير الإعراب، لأن المجرور إذا وقع خبراً لا بد أن يكون العامل فيه كوناً مطلقاً، لا كوناً مقيداً.
والباء هنا باء المقابلة والمعاوضة، فقدر ما يقرب من الكون المطلق وهو مأخوذ.
فإذا قلت : بعت الشاء شاة بدرهم، فالمعنى مأخوذ بدرهم، وكذلك الحر بالحر، والعبد بالعبد.
التقدير : الحر مأخوذ بالحر، والعبد مأخوذ بالعبد.
وكذلك هذا الثوب بهذا الدرهم معناه مأخوذ بهذا الدرهم.
وقال الحوفي : بالنفس يتعلق بفعل محذوف تقديره : يجب، أو يستقر.
وكذا العين بالعين وما بعدها مقدر الكون المطلق، والمعنى : يستقر قتلها بقتل النفس.
وقرأ الكسائي : برفع والعين وما بعدها.
وأجاز أبو عليّ في توجيه الرفع وجوهاً.
الأول : أنّ الواو عاطفة جملة على جملة، كما تعطف مفرداً على مفرد، فيكون والعين بالعين جملة اسمية معطوفة على جملة فعلية وهي : وكتبنا، فلا تكون تلك الجمل مندرجة تحت كتبنا من حيث اللفظ، ولا من حيث التشريك في معنى الكتب، بل ذلك استئناف إيجاب وابتداء تشريع.
الثاني : أنّ الواو عاطفة جملة على المعنى في قوله : إن النفس بالنفس، أي : قل لهم النفس بالنفس، وهذا العطف هو من العطف على التوهم، إذ يوهم في قوله : إن النفس بالنفس، إنه النفس بالنفس، والجمل مندرجة تحت الكتب من حيث المعنى، لا من حيث اللفظ.
الثالث : أن تكون الواو عاطفة مفرداً على مفرد، وهو أن يكون : والعين معطوفاً على الضمير المستكن في الجار والمجرور، أي بالنفس هي والعين وكذلك ما بعدها.
وتكون المجرورات على هذا أحوالاً مبينة للمعنى، لأن المرفوع على هذا فاعل، إذ عطف على فاعل.
وهذان الوجهان الأخيران ضعيفان : لأن الأول منهما هو المعطوف على التوهم، وهو لا ينقاس، إنما يقال منه ما سمع.


الصفحة التالية
Icon