ومن فوائد ابن كثير فى الآية
قال رحمه الله :
لما ذكر تعالى التوراة التي أنزلها الله على موسى كليمه [عليه السلام] ومدحها وأثنى عليها، وأمر باتباعها حيث كانت سائغة الاتباع، وذكر الإنجيل ومدحه، وأمر أهله بإقامته واتباع ما فيه، كما تقدم بيانه، شرع تعالى في ذكر القرآن العظيم، الذي أنزله على عبده ورسوله الكريم، فقال :﴿ وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ﴾ أي : بالصدق الذي لا ريب فيه أنه من عند الله، ﴿ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ أي : من الكتب المتقدمة المتضمنة ذكْرَه ومَدْحَه، وأنه سينزل من عند الله على عبده ورسوله محمد ﷺ، فكان نزوله كما أخبرت به، مما زادها صدقًا عند حامليها من ذوي البصائر، الذين انقادوا لأمر الله واتبعوا شرائع الله، وصدقوا رسل الله، كما قال تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا ﴾ [الإسراء : ١٠٧، ١٠٨] أي : إن كان ما وعدنا الله على ألسنة الرسل المتقدمين، من مجيء محمد، عليه السلام، ﴿ لَمَفْعُولا ﴾ أي : لكائنًا لا محالة ولا بد.
وقوله :﴿ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ قال سفيان الثوري وغيره، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس، أي : مؤتمنًا عليه. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : المهيمن : الأمين، قال : القرآن أمين على كل كتاب قبله.
وروي عن عِكْرِمَة، وسعيد بن جُبَيْر، ومجاهد، ومحمد بن كعب، وعطية، والحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني، والسُّدِّي، وابن زيد، نحو ذلك.
وقال ابن جريج : القرآن أمين على الكتب المتقدمة، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فهو باطل.
وعن الوالبي، عن ابن عباس :﴿ وَمُهَيْمِنًا ﴾ أي : شهيدًا. وكذا قال مجاهد، وقتادة، والسُّدِّي.


الصفحة التالية
Icon