واختير أن تعدّى المسارعة هنا بإلى لتضمنها معنى الدخول، وقرىء فيرى بياء الغيبة على أن الضمير كما قال أبو البقاء لله تعالى، وقيل : لمن يصح منه الرؤية، وقيل : الفاعل هو الموصول، والمفعول هو الجملة على حذف أن المصدرية، والرؤية قلبية أي فيرى القوم الذين في قلوبهم مرض أن يسارعوا فيهم فلما حذفت أن انقلب الفعل مرفوعاً كما في قوله :
ألا أي هذا الزاجري احضر الوغى...
وقوله عز وجل :﴿ يَقُولُونَ نخشى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ﴾ حال من فاعل ﴿ يسارعون ﴾، والدائرة من الصفات الغالبة التي لا يذكر معها موصوفها، وأصلها داورة لأنها من دار يدور، ومعناها لغة على ما في "القاموس" ما أحاط بالشيء، وفي "شرح الملخص" إن الدائرة سطح مستو يحيط به خط مستدير يمكن أن يفرض في داخله نقطة يكون البعد بينها وبينه واحداً في جميع الجهات، وقد تطلق الدائرة على ذلك الخط المحيط أيضاً انتهى، واختلف في أن أي المعنيين حقيقة؟ فقيل : إنها حقيقة في الأول مجاز في الثاني، وقيل : بالعكس، قال البرجندي : وتحقيق ذلك أنه إذا ثبت أحد طرفي خط مستقيم وأدير دورة تامة يحصل سطح دائرة يسمى بها لأن هيئة هذا السطح ذات دور، على أن صيغة الفاعل للنسبة، وإذا توهم حركة نقطة حول نقطة ثابتة دورة تامة بحيث لا يختلف بعد النقطة المتحركة عن النقطة الثابتة يحصل محيط دائرة يسمى بها لأن النقطة كانت دائرة ؛ فسمى ما حصل من دورانها دائرة فإن اعتبر الأول ناسب أن يكون إطلاق الدائرة على السطح حقيقة وعلى المحيط مجازاً، وإذا اعتبر الثاني ناسب أن يكون الأمر بالعكس انتهى.