وهكذا كل من كان يقول أو يفعل ما يدل دلالة ظاهرة على كفره وإن كان يصرح بالإيمان - والله الهادي، وهذا تغليظ من الله وتشديد في وجوب مجانبه المخالف في الدين واعتزاله - كما قال ﷺ :" لا تراءى ناراهما " ومنه قول عمر لأبي موسى رضي الله عنهما حين اتخذ كاتباً نصرانياً : لا تكرموهم إذ أهانهم الله، ولا تأمنوهم إذ خونهم الله، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله، وروي أن أبا موسى رضي الله عنه قال : لا قوام للبصرة إلا به، فقال عمر رضي الله عنه : مات النصراني - والسلام، يعني هب أنه مات فما كنت صانعاً حينئذ فاصنعه الساعة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٨٠ ـ ٤٨١﴾
فصل
قال الثعلبى :
﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أَوْلِيَآءَ ﴾ اختلفوا في نزول هذه الآية، فإن كان حكمها عاماً لجميع المؤمنين.
فقال العوفي والزهري :" لما انهزم أهل بدر، قال المسلمون لأوليائهم من اليهود أهربوا قبل أن يصيبكم اللّه بيوم مثل يوم بدر. فقال مالك بن الصيف : أغرّكم أن أصبتم رهطاً من قريش لا علم لهم بالقتال، أما لو أسررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقتلونا.
فجاء عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول اللّه ﷺ فقال : يا رسول اللّه إن لي أولياء من اليهود كثير عددهم، قويّة أنفسهم، شديدة شوكتهم كثيراً سلاحهم وإني أبرأ إلى اللّه وإلى رسوله من ولايتهم وولاية اليهود، ولا مولا لي إلاّ الله ورسوله، قال عبد اللّه بن أُبي : لكني لا أبرأ من ولاية اليهود لأني أخاف الدوائر ولا بد لي منهم، فقال رسول اللّه ﷺ " يا أبا الحباب ما نفست من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه " قال : قد قبلت فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية " قال السدّي : لما كانت وقعة أحد إشتد على طائفة من الناس وتخوفوا أن يدل عليهم الكفار.