وَهُوَ مَعَ عَدْوِّهِ فِي الْبَاطِنِ ؛ لِيَأْمَنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُنَافِقُونَ، فَعَامَلَ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَصَالَحَ يَهُودَ الْمَدِينَةِ، وَكَتَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ كِتَابُ أَمْنٍ. وَكَانُوا ثَلَاثَ طَوَائِفَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ ; بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَبَنِي النَّضِيرِ، وَبَنِي قُرَيْظَةَ، فَحَارَبَتْهُ بَنُو قَيْنُقَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ، وَأَظْهَرُوا الْبَغْيَ وَالْحَسَدَ "، ثُمَّ قَالَ فِي فَصْلٍ آخَرَ :" ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ بَنُو النَّضِيرِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ : وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ " وَبَيَّنَ كَيْفَ تَآمَرُوا عَلَى قَتْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) (٥ : ١١) إِذْ وَرَدَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ بَيَّنَ فِي فَصْلٍ آخَرَ أَنَّ قُرَيْظَةَ كَانَتْ أَشَدَّ عَدَاوَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُمْ نَقَضُوا صُلْحَهُ لَمَّا خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، وَبَيَّنَ كَيْفَ حَارَبَ كُلَّ طَائِفَةٍ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهَا. فَهَذَا هُوَ السَّبَبُ الْعَامُّ فِي النَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ. وَكَانَ نَصَارَى الْعَرَبِ، وَكَذَا الرُّومُ بِالطَّبْعِ، حَرْبًا لَهُ كَالْيَهُودِ.


الصفحة التالية
Icon