قال ابن خُوَيْزِ مَنْدَاد : هذه الآية مثل قوله تعالى :﴿ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ ﴾ [ المائدة : ٥١ ]، و﴿ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ ﴾ [ آل عمران : ١١٨ ] تضمنت المنع من التأييد والانتصار بالمشركين ونحو ذلك.
وروى جابر : أن النبي ﷺ لما أراد الخروج إلى أحد جاءه قوم من اليهود فقالوا : نسِير معك ؛ فقال عليه الصلاة والسلام :" إنا لا نستعين على أمرِنا بالمشركين " وهذا هو الصحيح من مذهب الشافعي.
وأبو حنيفة جوّز الانتصار بهم على المشركين للمسلمين ؛ وكتاب الله تعالى يدل على خلاف ما قالوه مع ما جاء من السنة في ذلك. والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
فائدة
قال الفخر :
هذه الآية تقتضي امتياز أهل الكتاب عن الكفار لأن العطف يقتضي المغايرة، وقوله ﴿لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب﴾ [ البينة : ١ ] صريح في كونهم كفاراً، وطريق التوفيق بينهما أن كفر المشركين أعظم وأغلظ، فنحن لهذا السبب نخصصهم باسم الكفر، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٢٨﴾

فصل


قال الفخر :
معنى تلاعبهم بالدين واستهزائهم إظهارهم ذلك باللسان مع الإصرار على الكفر في القلب، ونظيره قوله تعالى في سورة البقرة ﴿وَإِذَا لَقُواْ الذين ءامَنُواْ قَالُوا ءامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شياطينهم قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مستهزؤن﴾ [ البقرة : ١٤ ] والمعنى أن القوم لما اتخذوا دينكم هزواً وسخرية فلا تتخذوهم أولياء وأنصاراً وأحباباً، فإن ذلك الأمر خارج عن العقل والمروءة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٢٨﴾
قال ابن عاشور :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا﴾


الصفحة التالية