وأما قراءة البَاقِين، فوَجْهُهَا أنَّه عطف على المَوْصُول الأوَّل، أي : لا تَتَّخذُوا المُسْتَهْزِئين، ولا الكُفَّار أوْلِيَاء، فهو كقوله تعالى :﴿ لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ المؤمنين ﴾ [ آل عمران : ٢٨ ]، إلاَّ أنه ليس في هذه القراءة تَعَرُّضٌ للإخْبَار باسْتِهْزَاء المُشْرِكين، وهم مُسْتَهْزِئُون أيْضاً، قال تعالى :﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ المستهزئين ﴾ [ الحجر : ٩٥ ] فالمراد به : مُشْرِكوا العرَب، ولوضوح قِرَاءة الجرِّ قال مَكي بن أبِي طالب :" ولولا اتِّفَاقُ الجماعةِ على النَّصْب، لاخترتُ الخَفْض لقوَّته في المَعْنى، ولِقُرْب المَعْطُوف من المَعْطُوف عليه ". أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٧ صـ ٤٠٠ ـ ٤٠١﴾. باختصار.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) ﴾
نَبَّهَهُم على وجوب التحيز عنهم والتميز منهم، فإن المخالف في العقيدة لا يكون موافقاً في الحقيقة.
ويقال : أَمَرَهم بأن يلاحظوهم بعين الاستصغار كما لاحظوا دين المسلمين بعين الاستحقار. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٤٣٤﴾