قال عليه الصلاة والسلام :" أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها " فنقول : ههنا وجهان : الأول : أن لفظ الولي جاء بهذين المعنيين ولم يعين الله مراده، ولا منافاة بين المعنيين، فوجب حمله عليهما، فوجب دلالة الآية على أن المؤمنين المذكورين في الآية متصرفون في الأمة.
الثاني : أن نقول : الولي في هذه الآية لا يجوز أن يكون بمعنى الناصر، فوجب أن يكون بمعنى المتصرف، وإنما قلنا : إنه لا يجوز أن يكون بمعنى الناصر، لأن الولاية المذكورة في هذه الآية غير عامة في كل المؤمنين، بدليل أنه تعالى ذكر بكلمة ﴿إِنَّمَا﴾ وكلمة [ إنما ] للحصر، كقوله :﴿إِنَّمَا الله إله واحد﴾ [ النساء : ١٧١ ] والولاية بمعنى النصرة عامة لقوله ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ وهذا يوجب القطع بأن الولاية المذكورة في هذه الآية ليست بمعنى النصرة، وإذا لم تكن بمعنى النصرة كانت بمعنى التصرف، لأنه ليس للولي معنى سوى هذين، فصار تقدير الآية : إنما المتصرف فيكم أيها المؤمنون هو الله ورسوله والمؤمنون الموصوفون بالصفة الفلانية، وهذا يقتضي أن المؤمنين الموصوفين بالصفات المذكورة في هذه لآية متصرفون في جميع الأمة، ولا معنى للإمام إلا الإنسان الذي يكون متصرفاً في كل الأمة، فثبت بما ذكرنا دلالة هذه الآية على أن الشخص المذكور فيها يجب أن يكون إمام الأمة.
أما بيان المقام الثاني : وهو أنه لما ثبت ما ذكرنا وجب أن يكون ذلك الإنسان هو علي بن ابي طالب، وبيانه من وجوه : الأول : أن كل من أثبت بهذه الآية إمامة شخص قال : إن ذلك الشخص هو علي، وقد ثبت بما قدمنا دلالة هذه الآية على إمامة شخص، فوجب أن يكون ذلك الشخص هو علي، ضرورة أنه لا قائل بالفرق.