وفي الآية دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده، واعترض بأن قوله سبحانه :﴿ وَإِذَا ناديتم ﴾ لا يدل على الأذان اللهم إلا أن يقال : حيث ورد بعد ثبوته كان إشارة إليه فيكون تقريراً له، قال في "الكشف" أقول فيه : إن اتخاذ المناداة هزؤاً منكر من المناكير لأنها من معروفات الشرع، فمن هذه الحيثية دل على أن المناداة التي كانوا عليها حق مشروع منه تعالى، وهو المراد بثبوته بالنص بعد أن ثبت ابتداءاً بالسنة ومنام عبد الله بن زيد الأنصاري الحديث بطوله، ولا ينافيه أن ذلك كان أول ما قدموا المدينة، والمائدة من آخر القرآن نزولاً، وقوله : لا بالمنام وحده ليس فيه ما يدل على أن السنة غير مستقلة في الدلالة لأن الأدلة الشرعية معرفات وأمارات لا مؤثرات وموجبات ؛ وترادف المعرفات لا ينكر انتهى، ولأبي حيان في هذا المقام كلام لا ينبغي أن يلتفت إليه لما فيه من المكابرة الظاهرة، وسمي الأذان مناداة لقول المؤذن فيه : حي على الصلاة حي على الفلاح. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
قوله ﴿هُزُواً وَلَعِباً﴾ أمران، وذلك لأنهم عند إقامة الصلاة يقولون : هذه الأعمال التي أتينا بها استهزاءً بالمسلمين وسخرية منهم، فإنهم يظنون أنا على دينهم مع أنا لسنا كذلك.
ولما اعتقدوا أنه ليس فيها فائدة ومنفعة في الدين والدنيا قالوا إنها لعب.
ثم قال تعالى :﴿ذلك بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ﴾ أي لو كان لهم عقل كامل لعلموا أن تعظيم الخالق المنعم وخدمته مقرونة بغاية التعظيم لا يكون هزواً ولعباً، بل هو أحسن أعمال العباد وأشرف أفعالهم، ولذلك قال بعض الحكماء : أشرف الحركات الصلاة، وأنفع السكنات الصيام. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٢٩﴾