ومن فوائد الإمام القرطبى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (٥٨) ﴾
فيه اثنتا عشرة مسألة :
الأُولى قال الكلبيّ : كان إذا أذن المؤذن وقام المسلمون إلى الصلاة قالت اليهود : قد قاموا لا قاموا ؛ وكانوا يضحكون إذا ركع المسلمون وسجدوا وقالوا في حق الأذان : لقد ابتدعت شيئاً لم نسمع به فيما مضى من الأُمم، فمِن أين لك صِياح مثل صِياح العير؟ فما أقبحه من صوت، وما أسمجه من أمر.
وقيل : إنهم كانوا إذا أذن المؤذن للصلاة تضاحكوا فيما بينهم وتغامزوا على طريق السخف والمجون ؛ تجهيلاً لأهلها، وتنفيراً للناس عنها وعن الداعي إليها.
وقيل : إنهم كانوا يرون المنادي إليها بمنزلة اللاعب الهازِىء بفعلها، جهلاً منهم بمنزلتها ؛ فنزلت هذه الآية، ونزل قوله سبحانه :﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾ [ فصّلت : ٣٣ ] والنداء الدعاء برفع الصوت، وقد يضم مثل الدُّعاء والرُّغاء.
وناداه مناداة ونِداء أي صاح به.
وتنادوا أي نادى بعضهم بعضاً.
وتَنَادوا أي جلسوا في النادي، وناداه جالسَه في النادي.
وليس في كتاب الله تعالى ذكر الأذان إلا في هذه الآية، أمَا أنه ذُكر في الجمعة على الاختصاص.
الثانية قال العلماء : ولم يكن الأذان بمكة قبل الهجرة، وإنما كانوا ينادون "الصلاة جامِعة" فلما هاجر النبي ﷺ وصُرِفت القِبلة إلى الكعبة أمر بالأذان، وبقي "الصلاة جامِعة" للأمْر يَعْرِض.
وكان النبيّ ﷺ قد أهمه أمر الأذان حتى أُرِيَه عبد الله بن زيد، وعمر ابن الخطاب، وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم.