وَقَدْ تَأَوَّلَ هَذَا الْحُبَّ بَعْضُ النَّاسِ أَيْضًا ; قَالُوا : إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى الطَّاعَةِ ; إِذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُحِبَّ الْإِنْسَانُ إِلَّا مَا يُجَانِسُهُ، وَيَرُدُّ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :(أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ ٦ ٣٦٤)
فَإِنَّهُ جَعَلَ الْجِهَادَ غَيْرَ الْحُبِّ، وَحَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الْمَذْكُورُ آنِفًا، فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْحُبِّ وَالْعَمَلِ، وَجَعَلَ عُدَّتَهُ لِلسَّاعَةِ الْحُبَّ دُونَ كَثْرَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ. نَعَمْ، إِنَّ الْحُبَّ يَسْتَلْزِمُ الطَّاعَةَ وَيَقْتَضِيهَا بِسُنَّةِ الْفِطْرَةِ، كَمَا قِيلَ : تَعْصِي الْإِلَهَ وَأَنْتَ تَزْعُمُ حُبَّهُ هَذَا لَعَمْرُكَ فِي الْقِيَاسِ بَدِيعُ لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ وَقَدْ أَطَالَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الْمَحَبَّةِ مِنَ " الْإِحْيَاءِ " فِي بَيَانِ مَحَبَّةِ اللهِ