ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَنْ تَجِبُ مُوَالَاتُهُمْ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ تَوَلِّي مَنْ تَجِبُ مُعَادَاتُهُمْ، فَقَالَ :(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) أَيْ لَيْسَ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ نَاصِرٌ يَنْصُرُكُمْ إِلَّا اللهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ، وَأَنْفُسُكُمْ بَعْضُكُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، فَهُوَ نَفْيٌ لِنَصْرِ مَنْ يُسَارِعُ مِنْ مَرْضَى الْقُلُوبِ فِي تَوَلِّي الْكُفَّارِ مِنْ دُونِ اللهِ، وَإِثْبَاتٌ لِنَصْرِ اللهِ وَوِلَايَتِهِ، وَلِنَصْرِ مَنْ يُقِيمُ دِينَهُ مِنَ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَلَمَّا كَانَ لَقَبُ " الَّذِينَ آمَنُوا " يَشْمَلُ كُلَّ مَنْ أَسْلَمَ فِي الظَّاهِرِ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ بِقَوْلِهِ :(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) أَيْ دُونَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَالُوا آمِنًا بِأَفْوَاهِهِمْ، وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ، وَالَّذِينَ يَأْتُونَ بِصُورَةِ الصَّلَاةِ دُونَ رُوحِهَا وَمَعْنَاهَا، فَإِذَا قَامُوا إِلَيْهَا قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ، وَلَا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلًا. فَالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِحَقِّ الْوِلَايَةِ هُمُ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ إِقَامَةً كَامِلَةً بِالْآدَابِ الظَّاهِرَةِ، وَالْمَعَانِي الْبَاطِنَةِ، وَالَّذِينَ يُعْطُونَ الزَّكَاةَ مُسْتَحِقِّيهَا،