معنى الآية أنه يقول لأهل الكتاب : لم اتخذتم هذا الدين هزواً ولعباً، ثم قال على سبيل التعجب : هل تجدون في هذا الدين إلا الإيمان بالله والإيمان بما أنزل على محمد ﷺ، والإيمان بجميع الأنبياء الذين كانوا قبل محمد/ ﷺ يعني أن هذا ليس مما ينقم، أما الإيمان بالله فهو رأس جميع الطاعات، وأما الإيمان بمحمد وبجميع الأنبياء فهو الحق والصدق ؛ لأنه إذا كان الطريق إلى تصديق بعض الأنبياء في ادعاء الرسالة والنبوّة هو المعجز، ثم رأينا أن المعجز حصل على يد محمد عليه الصلاة والسلام وجب الإقرار بكونه رسولاً، فأما الإقرار بالبعض وإنكار البعض فذلك كلام متناقض، ومذهب باطل، فثبت أن الذي نحن عليه هو الدين الحق والطريق المستقيم، فلم تنقموه علينا!قال ابن عباس : إن نفراً من اليهود أتوا رسول الله ﷺ فسألوه عمن يؤمن به من الرسل، فقال : أؤمن بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل إلى قوله ونحن له مسلمون، فلما ذكر عيسى جحدوا نبوّته وقالوا : والله ما نعلم أهل دين أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم ولا ديناً شراً من دينكم، فأنزل الله تعالى هذه الآية وما بعدها.
وأما قوله ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسقون﴾ فالقراءة العامة ﴿أن﴾ بفتح الألف، وقرأ نعيم بن ميسرة ﴿إن﴾ بالكسر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٣٠﴾
سؤالان :
السؤال الأول : كيف ينقم اليهود على المسلمين مع كون أكثر اليهود فاسقين ؟
والجواب من وجوه : الأول : قوله ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسقون﴾ تخصيص لهم بالفسق، فيدل على سبيل التعريض أنهم لم يتبعوهم على فسقهم، فكان المعنى : وما تنقمون منا إلا أن آمنا.
وما فسقنا مثلكم، الثاني : لما ذكر تعالى ما ينقم اليهود عليهم من الإيمان بجميع الرسل وليس ذلك مما ينقم ذكر في مقابله فسقهم، وهو مما ينقم، ومثل هذا حسن في الازدواج.