والثاني : أنه " آمَنَّا "، وهذا واضحٌ، أي : قالوا آمنَّا في هذه الحالِ، و" قَدْ " في " وَقَدْ دَخَلُوا " " وَقَدْ خَرَجُوا " لتقريب الماضِي من الحال، وقال الزمخشريُّ :" ولمعنى آخرَ، وهو : أنَّ أماراتِ النفاقِ كانَتْ لائحةً عليهم ؛ فكان الرسولُ - عليه السلام - متوقِّعاً لإظهار الله تعالى - ما كتموه، فدَخَلَ حرفُ التوقُّعِ، وهو متعلِّقٌ بقوله " قَالُوا آمَنَّا "، أي : قالوا ذلك وهذه حالهم "، يعني بقوله :" وهُو متعلِّقٌ "، أي : والحال، وقوةُ كلامه تُعْطِي : أنَّ صاحبَ الحالِ وعاملَها الجملةُ المَحْكِيَّة بالقَوْل، و" بالكُفْرِ " متعلقٌ بمحذُوفٍ ؛ لأنه حالٌ من فاعلِ " دَخَلُوا "، فهي حال من حال، أي : دَخَلُوا ملتبسين بالكُفْر، أي : ومعهُمُ الكُفْرُ ؛ كقولهم :" خَرَجَ زَيْدٌ بِثيَابِهِ "، وقراءةِ من قرأ :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ [ المؤمنون : ٢٠ ]، أي : وفيها الدُّهْنُ ؛ ومنه ما أنشدَ الأصمعيُّ :[ الطويل ]
٢٠٠٢ - وَمُسْتَنَّةٍ كَاسْتِنَانِ الْخَرُو...
فِ قَدْ قَطَعَ الحَبْلَ بِالْمِرْوَدِ
أي : ومِرْوَدُهُ فيه، وكذلك " بِهِ " أيضاً حالٌ من فاعل " خَرَجُوا ".
فالبَاءُ في قوله تعالى :﴿ دَّخَلُواْ بالكفر وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ ﴾، يُفيدُ أنَّ الكُفْرَ معهم حالةَ الدُّخُولِ والخُرُوجِ من غيْرِ نُقْصَانٍ، ولا تَغْيِير ألْبَتَّة، كما تَقُولُ :" دَخَلَ زَيْدٌ بِثَوْبِهِ وخَرَجَ " أي : ثوْبُهُ حال الخُرُوجِ، كما كَانَ حَالَ الدُّخُول.