إذا عرفت هذا فنقول اختلفت الأمة في تفسير يد الله تعالى، فقالت المجسمة : إنها عضو جسماني كما في حق كل أحد، واحتجوا عليه بقوله تعالى :﴿ألَهُمْ أرجل يمشون بها أم لهم أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ ءاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ [ الأعراف : ١٩٥ ] وجه الاستدلال أنه تعالى قدح في إلهية الأصنام لأجل أنها ليس لها شيء من هذه الأعضاء، فلو لم تحصل لله هذه الأعضاء لزم القدح في كونه إلها، ولما بطل ذلك وجب إثبات هذه الأعضاء له قالوا وأيضاً اسم اليد موضوع لهذا العضو، فحمله على شيء آخر ترك للغة، وإنه لا يجوز.
واعلم أن الكلام في إبطال هذا القول مبني على أنه تعالى ليس بجسم، والدليل عليه أن الجسم لا ينفك عن الحركة والسكون، وهما محدثان، وما لا ينفك عن المحدث فهو محدث، ولأن كل جسم فهو متناه في المقدار، وكل ما كان متناهياً في المقدار فهو محدث، ولأن كل جسم فهو مؤلف من الأجزاء، وكل ما كان كذلك كان قابلاً للتركيب والانحلال، وكل ما كان كذلك افتقر إلى ما يركّبه ويؤلفه، وكل ما كان كذلك فهو محدث، فثبت بهذه الوجوه أنه يمتنع كونه تعالى جسماً، فيمتنع أن تكون يده عضواً جسمانياً.
وأما جمهور الموحدين فلهم في لفظ اليد قولان : الأول : قول من يقول : القرآن لما دلّ على إثبات اليد لله تعالى آمنا به، والعقل لما دل على أنه يمتنع أن تكون يد الله عبارة عن جسم مخصوص وعضو مركب من الأجزاء والأبعاض آمنا به، فأما أن اليد ما هي وما حقيقتها فقد فوضنا معرفتها إلى الله تعالى، وهذا هو طريقة السلف.