وقوله تعالى :﴿ طغيانا وَكُفْراً ﴾ مفعوله الثاني أي ليزيدنهم طغياناً على طغيانهم وكفراً على كفرهم القديمين، لأن الزيادة تقتضي وجود المزيد عليه قبلها، وهذه الزيادة إما من حيث الشدة والغلو، وإما من حيث الكم والكثرة إذ كلما نزلت آية كفروا بها فيزداد طغيانهم وكفرهم بحسب المقدار، وهذا كما أن الطعام الصالح للأصحاء يزيد المرض مرضاً، ويحتمل أن يراد بما أنزل النعم التي منحها الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أي أنهم كفروا وتمادوا على الكفر وقالوا ما قالوا حيث ضيق الله تعالى عليهم وكف عنهم ما بسط لهم، فمتى رأوا مع ذلك بسط نعمائه وتواتر آلائه على نبيه ﷺ الذي هو أعدى أعدائهم ازدادوا غيظاً وحنقاً على ربهم سبحانه، فضموا إلى طغيانهم الأول طغياناً وإلى كفرهم كفراً وحينئذ تلائم الآية ما قبلها أشد ملائمة إلا أن ذلك لا يخلو عن بعد، ولم أر من ذكره. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
قال أصحابنا : دلّت الآية على أنه تعالى لا يراعي مصالح الدين والدنيا لأنه تعالى لما علم أنهم يزدادون عند إنزال تلك الآيات كفراً وضلالاً، فلو كانت أفعاله معللة برعاية المصالح للعباد لامتنع عليه إنزال تلك الآيات، فلما أنزلها علمنا أنه تعالى لا يراعي مصالح العباد، ونظيره قوله ﴿فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ﴾ [ التوبة : ١٢٥ ].
فإن قالوا : علم الله تعالى من حالهم أنهم سواء أنزلها أو لم ينزلها فإنهم يأتون بتلك الزيادة من الكفر، فلهذا حسن منه تعالى إنزالها.
قلنا : فعلى هذا التقدير لم يكن ذلك الازدياد لأجل إنزال تلك الآيات، وهذا يقتضي أن تكون إضافة ازدياد الكفر إلى إنزال تلك الآيات باطلاً، وذلك تكذيب لنص القرآن. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٣٨﴾
قوله تعالى ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ العداوة والبغضاء إلى يَوْمِ القيامة ﴾

فصل


قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon