وعن ماذا عَنوا أنها ممسكة، فيه قولان.
أحدهما : عن العطاء، قاله ابن عباس، وقتادة، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج.
والثاني : ممسكة عن عذابنا، فلا يعذبنا إِلا تحلّة القسم بقدر عبادتنا العجل، قاله الحسن.
وفي قوله :﴿ غلت أيديهم ﴾ ثلاثة أقوال.
أحدها : غلت في جهنم، قاله الحسن.
والثاني : أُمسكت عن الخير، قاله مقاتل.
والثالث : جُعِلوا بُخلاء، فهم أبخل قوم، قاله الزجاج.
قال ابن الأنباري : وهذا خبر أخبر الله تعالى به الخلق أن هذا قد نزل بهم، وموضعه نصب على معنى الحال.
تقديره : قالت اليهود هذا في حال حكم الله بغل أيديهم، ولعنته إِياهم، ويجوز أن يكون المعنى : فغلت أيديهم، ويجوز أن يكون دعاء، معناه : تعليم الله لنا كيف ندعو عليهم، كقوله :﴿ تبّت يدا أبي لهب ﴾ [ اللهب : ١ ] وقوله :﴿ لتدخلن المسجد الحرام إِن شاء الله آمنين ﴾ [ الفتح : ٢٧ ].
وفي قوله :﴿ ولعنوا بما قالوا ﴾ ثلاثة أقوال.
أحدها : أُبعدوا من رحمة الله.
والثاني : عذبوا في الدنيا بالجزية، وفي الآخرة بالنّار.
والثالث : مُسخوا قردة وخنازير.
وروى ابن عباس عن النبي ﷺ أنه قال :" من لعن شيئاً لم يكن للعنه أهلاً رجعت اللعنة على اليهود بلعنة الله إِياهم " قال الزجاج : وقد ذهب قومٌ إِلى أن معنى "يد الله" : نعمته، وهذا خطأ ينقضه ﴿ بل يداه مبسوطتان ﴾ فيكون المعنى على قولهم : نعمتاه، ونعم الله أكثر من أن تحصى.
والمراد بقوله : بل ﴿ يداه مبسوطتان ﴾ : أنه جواد ينفق كيف يشاء وإِلى نحو هذا ذهب ابن الأنباري.
قال ابن عباس : إِن شاء وسَّع في الرزق.
وإِن شاء قتَّر.
قوله تعالى :﴿ وليزيدن كثيراً منهم ما أُنزل إِليك من ربك طغياناً وكفراً ﴾.
قال الزجاج : كلما أُنزل عليك شيء كفروا به، فيزيد كفرهم.
"والطغيان" هاهنا : الغلو في الكفر.


الصفحة التالية
Icon