وقوله تعالى :﴿ وألقينا بينهم العداوة والبغضاء ﴾ معطوف على قوله ﴿ وقالت اليهود ﴾ فهي قصص يعطف بعضها على بعض، و﴿ العداوة ﴾ أخص من ﴿ البغضاء ﴾ لأن كل عدو فهو يبغض وقد يبغض من ليس بعدو، وكأن العدواة شيء مشتهر يكون عنه عمل وحرب، والبغضاء قد لا تجاوز النفوس، وقد ألقى الله الأمرين على بني إسرائيل، وقوله تعالى :﴿ كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ﴾ استعارة بليغة تنبىء عن فض جموعهم وتشتيت آرائهم وتفريق كلمتهم، والآية تحتمل أن تكون إخباراً عن حال أسلافهم أي منذ عصوا وعتوا وهد الله ملكهم رماهم بهذه الأمور، فهم لا ترتفع لهم راية إلى يوم القيامة ولا يقاتلون جميعاً إلا في قرى محصنة، هذا قول الربيع والسدي وغيرهما. وقال مجاهد : معنى الآية كلما أوقدوا ناراً لحرب محمد أطفأها الله، فالآية على هذا تبشير لمحمد ﷺ والمؤمنين وإشارة إلى حاضريه من اليهود، وقوله تعالى :﴿ ويسعون ﴾ معنى السعي في هذه الآية العمل والفعل، وقد يجيء السعي بمعنى الانتقال على القدم، وذلك كقوله تعالى :﴿ فاسعوا إلى ذكر الله ﴾ [ الجمعة : ٩ ] وإن كان مالك رحمه الله قد قال في الموطأ : إن السعي في قوله :﴿ فاسعوا إلى ذكر الله ﴾ إنه العمل والفعل، ولكن غيره من أهل العلم جعله على الأقدام وهو الظاهر بقرينة ضيق الوقت وبالتعدية ب " إلى "، ويؤيده قراءة عمر بن الخطاب " فامضوا إلى ذكر الله " وقوله تعالى :﴿ والله لا يحب المفسدين ﴾ أي لا يظهر عليهم من أفعاله في الدنيا والآخرة ما يقتضي المحبة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
ومن فوائد أبى حيان فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وقالت اليهود يد الله مغلولة ﴾ نزلت في فنخاص قاله : ابن عباس.
وقال مقاتل : فيه وفي ابن صوريا، وعازر بن أبي عازر قالوا ذلك.
ونسب ذلك إلى اليهود، لأن هؤلاء علماؤهم وهم أتباعهم في ذلك.