وانتفاء المحبة كناية عن كونه لا يعود عليهم بفضله وإحسانه، فهؤلاء يثيبهم.
وإذا لم يثبهم فهو معاقبهم، إذ لا واسطة بين العقاب والثواب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾
ومن فوائد الخازن فى الآية
قال عليه الرحمة :
قوله عز وجل :﴿ وقالت اليهود يد الله مغلولة ﴾ نزلت هذه الآية في فنحاص اليهودي.
قال ابن عباس : إن الله قد بسط على اليهود حتى كانوا أكثر الناس أموالاً وأخصبهم ناحية فلما عصوا الله ومحمداً ﷺ وكذبوا به كف عنهم ما بسط عليهم من السعة.
فعند ذلك قال فنحاص : يد الله مغلولة يعني محبوسة مقبوضة عن الرزق والبذل والعطاء.
فنسبوا الله تعالى إلى البخل والقبض تعالى الله عن قولهم علوَّاً كبيراً، ولما قال هذه المقالة الخبيثة فنحاص ولم ينهه بقية اليهود ورضوا بقوله، لا جرم لأن الله تعالى أشركهم معه في هذه المقالة فقال تعالى إخباراً عنهم : وقالت اليهود يد الله مغلولة.
يعني نعمته مقبوضة عنا.
وقيل : معناه يد الله مكفوفة عن عذابنا فليس يعذبنا إلا بقدر ما يبر به قسمه وذلك قدر ما عبد آباؤنا العجل.
والقول الأول أصح، لقوله تعالى : ينفق كيف يشاء.
واعلم أن غل اليد وبسطها مجاز عن البخل والجود بدليل قوله تعالى لنبيه ﷺ ﴿ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ﴾ والسبب أن اليد آلة لكل الأعمال لا سيما لدفع المال وإنفاقه وإمساكه فأطلقوا اسم السبب على المسبب وأسندوا الجود والبخل إلى اليد مجازاً فقيل للجواد الكريم فياض اليد ومبسوط اليد وقيل للبخيل مقبوض اليد.
وقوله تعالى :﴿ غلّت أيديهم ولعنوا بما قالوا ﴾ يعني : أمسكت أيديهم عن كل خير وطردوا عن رحمة الله.
قال الزجاج : رد الله عليهم فقال : أنا الجواد الكريم وهم البخلاء وأيديهم هي المغلولة الممسوكة.
وقيل : هذا دعاء على اليهود علمنا الله كيف ندعو عليهم؟ فقال : غلت أيديهم أي في نار جهنم.


الصفحة التالية
Icon