وقال أبُو البقاء : والمعنى على هذا : إنكم كرهتم إيماننا وامتناعكم، أي كرهتم مخالفتنا إياكم وهذا كقولك للرجل :" ما كرهت مني إلا أني مُحَبَّبٌ للناس، وأنك مبغض "، وإن كان لا يعترف بأنه مبغض.
وقال ابن عطية :﴿ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ﴾ هو عند أكثر المتأوِّلين معطوف على قوله :" أنْ آمنَّا "، فيدخل كونهم فاسقين فيما نَقَمُوهُ وهذا لا يتجه معناه.
ثم قال بعد كلام :" وإنَّمَا يَتَّجِهُ على أن يكون معنى المحاورة : هل تنقمون منا إلا مجموع هذه الحال من أنا مؤمنون وأنتم فاسقون، ويكون ﴿ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ﴾ مما قرره المخاطب لهم، وهذا [ كما ] يقول لمن يخاصم :" هل تنقم عليَّ إلا أن صدقت أنا، وكذبت أنت "، وهو لا يُقِرُّ بأنه كاذب، ولا ينقم ذلك، لكن معنى كلامك : هل تنقم إلا مجموع هذه الحال " وهذا هو مجموع ما أجاب به الزَّمَخْشَرِيُّ والواحِديُّ.
الوجه الثاني من أوجه النصب : أن يكون معطوفاً على " أنْ آمنَّا " أيضاً، ولكن في الكلام مضاف محذوف لصحة المعنى، تقديره :" واعتقاد أنَّ أكثركم فاسقون " وهو معنى واضح، فإنَّ الكفار ينقمون اعتقاد المؤمنين أنهم فاسقون.
الثالث : أنه منصوب بفعل مقدر، تقديره : هل تنقمون منا إلا إيماننا، ولا تنقمون فسق أكثركم.
الرابع : أنه منصوب على المعيَّة، وتكون " الواو " بمعنى " مع " تقديره :" وما تنقمون منا إلا الإيمان مع أن أكثركم فاسقون ".
ذكر جميع هذه الأوجه أبُو القَاسِمِ الزَّمَخْشَرِيُّ - رحمه الله -.


الصفحة التالية
Icon