بقوله - جواباً لمن كأنه قال : نعم :﴿من﴾ أي مثوبة من ﴿لعنة الله﴾ أي أبعده الملك الأعظم وطرده ﴿وغضب عليه﴾ أي أهلكه، ودل على اللعن والغضب بأمر محسوس فقال :﴿وجعل﴾ ودل على كثرة الملعونين بجمع الضمير فقال :﴿منهم﴾ أي بالمسخ على معاصيهم ﴿القردة﴾ تارة ﴿والخنازير﴾ أخرى، والتعريف للجنس، وقال ابن قتيبة : إن التعريف يفيد ظن أنهم لم ينقرضوا بل توالدوا حتى كان منهم أعيان ما تعرفه من النوعين، فما أبعد من كان منهم هذا من أن يكونوا أبناء الله وأحباءه! ثم عطف - على قراءة الجماعة - على قوله ﴿لعنه الله﴾ سبب ذلك بعد أن قدم المسبب اهتماماً به لصراحته في المقصود، مع أن اللعن والغضب سبب حقيقي، والعبادة سبب ظاهري، فقال :﴿وعبد الطاغوت﴾ وقرأه حمزة بضم الباء على أنه جمع والإضافة عطف على القردة، فهو - كما قال في القاموس - اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والأصنام وكل ما عبد من دون الله ومردة أهل الكتاب، للواحد والجمع، فلعوت من طغوت، وكل هذه المعاني تصلح ها هنا، أما اللات والعزى وغيرهما مما لم يعبدوه صريحاً فلتحسينهم دين أهله حسداً للإسلام وقد عبدوا الأوثان في كل زمان حتى في زمان موسى عليه السلام كما في نص التوراة : ثم بالغوا في النجوم لاستعمال السحر فشاركوا الصابئين في ذلك.


الصفحة التالية
Icon