صنيع الرب إلههم وعبدوا بعلاً وأشتراثاً، واشتد غضب الرب على بني إسرائيل ودفعهم إلى كوشان الأتيم ملك حران، فاستعبدهم ثماني سنين، ودعا بنو إسرائيل الرب متضرعين، وصيَّر الرب لهم مخلصاً، وخلصهم عثنايال بن قنز أخو كالاب الأصغر، فأعانه الرب وصار حكماً لبني إسرائيل فخرج إلى الحرب، وأسلم الرب في يده كوشان الأتيم، واستراحت الأرض من الحرب أربعين سنة، وتوفي عثنايال ابن قنز، وعاد بنو إسرائيل في سوء أعمالهم أمام الرب فقوى الرب عليهم ملك موآب، واستمروا هكذا في كل حين ينقضون، وسنة الرب كل قليل يرفضون، ولا يستقيمون إلا بقدر ما ينسون حرارة النقم ويذوقون لذاذة النعم - ولولا خوف الإطالة الموجبة للسآمة والملالة لذكرت من ذلك كثيراً من الكتب التي بين أيديهم، لا يقدرون على إنكار ما يلزمهم بها من الفضيحة والعار - والله الموفق. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٨٧ ـ ٤٩٤﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
شرّ اسم تفضيل، أصله أشَرّ، وهو للزيادة في الصفة، حذفت همزته تخفيفاً لكثرة الاستعمال، والزّيادة تقتضي المشاركة في أصل الوصف فتقتضي أنّ المسلمين لهم حظّ من الشرّ، وإنّما جَرى هذا تهكّماً باليهود لأنّهم قالوا للمسلمين : لا دِينَ شَرّ من دينكم، وهو ممّا عبّر عنه بفعل ﴿ تنقمون ﴾.
وهذا من مقابلة الغلظة بالغلظة كما يقال :"قُلْتَ فأوْجبْت". أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
قوله ﴿مّن ذلك﴾ إشارة إلى المنقم، ولا بدّ من حذف المضاف، وتقديره : بشر من أهل ذلك ؛ لأنه قال :﴿مَن لَّعَنَهُ الله﴾ ولا يقال الملعون شر من ذلك الدين، بل يقال : إنه شر ممن له ذلك الدين.
فإن قيل : فهذا يقتضي كون الموصوفين بذلك الدين محكوماً عليهم بالشر، ومعلوم أنه ليس كذلك.


الصفحة التالية
Icon