ولما كان إنزال الكتب والصحف لم يستغرق زمان المضي، أثبت الجار فقال :﴿من قبل﴾ أي لما شهد له كتابنا، وهذه الأشياء التي آمنا بها لا يحيد فيها عاقل، لما لها من الأدلة التي وضوحها يفوق الشمس، فحسنها لا شك فيه ولا لبس ﴿وأن﴾ أي آمنا كلنا مع أن أو والحال أن ﴿أكثركم﴾ قيد به إخراجاً لمن يؤمن منهم بما دل عليه التعبير بالوصف ﴿فاسقون﴾ أي عريقون في الفسق، وهو الخروج عن دار السعادة بحيث لا يمكن منهم رجوع إلى المرضى من العبادة، فبين أنهم لا ينقمون من المؤمنين إلا المخالفة، والمخالفة إنما هي بإيمان المسلمين بالله وما أمر به، وكفر أهل الكتاب بجميع ذلك مع علمهم بما تقدم لهم أن من آمن بالله كان الله معه، فنصره على كل من يناويه، وجعل مآله إلى الفوز الدائم، وأن من كفر تبرأ منه فأهلكه في الدنيا، وجعل مآله إلى عذاب لا ينقضي سعيره، ولا ينصرم أنينه وزفيره، ومن ركب ما يؤديه إلى ذلك على علم منه واختيار لم يكن أصلاً أحد أضل منه ولا أعدم عقلاً، وتخصيص النقم بما صدر من المؤمنين يمنع عطف ﴿وأن﴾ على ﴿أن آمنا ﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٨٦ ـ ٤٨٧﴾
وقال الفخر :
اعلم أن وجه النظم أنه تعالى لما حكى عنهم أنهم اتخذوا دين الإسلام هزواً ولعباً قال لهم : ما الذي تنقمون من هذا الدين، وما الذي تجدون فيه مما يوجب اتخاذه هزواً ولعباً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٢٩﴾


الصفحة التالية
Icon