ولما كان المقام يقتضي لهم بعد الدخول حسن الحال، لما يرون من سمت رسول الله ﷺ الجليل وكلامه العذب ودينه العدل وهدية الحسن، فلم يتأثروا لما عندهم من الحسد الموجب للعناد، أخبر عن ذلك بأبلغ من الجملة التي أخبرت بكفرهم تأكيداً للأخبار عن ثباتهم على الكفر، لأنه أمر ينكره العاقل فقال :﴿وهم﴾ أي من عند أنفسهم لسوء ضمائرهم وجبلاتهم من غير سبب من أحد منكم، لا منك ولا من أتباعك ﴿قد خرجوا به﴾ أي الكفر بعد دخولهم ورؤية ما رأوا من الخير، دالاً على قوة عنادهم بالجملة الاسمية المفيدة للثبات، وذكر المسند إليه مرتين، وهم بما أظهروا يظنون أنه يخفي ما أضمروا.
ولما كان في قلوبهم من الفساد والمكر بالإسلام وأهله ما يطول شرحه، نبه عليه بقوله :﴿والله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال وبكل شيء علماً وقدرة ﴿أعلم﴾ أي منهم وممن توسم فيهم النفاق ﴿بما كانوا﴾ أي بما في جبلاتهم من الدواعي العظيمة للفساد ﴿يكتمون﴾ أي من هذا وغيره في جميع أحوالهم من أقوالهم وأفعالهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٩٤ ـ ٤٩٥﴾

فصل


قال الفخر :
قالوا : نزلت هذه الآية في ناس من اليهود كانوا يدخلون على الرسول عليه الصلاة والسلام ويظهرون له الإيمان نفاقاً، فأخبره الله عزّ وجلّ بشأنهم وأنهم يخرجون من مجلسك كما دخلوا لم يتعلق بقلبهم شيء من دلائلك وتقريراتك ونصائحك وتذكيراتك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٣٣﴾


الصفحة التالية
Icon