فصل


قال الفخر :
قوله تعالى :﴿يا أيها الرسول بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ﴾ أمر الرسول بأن لا ينظر إلى قلة المقتصدين وكثرة الفاسقين ولا يخشى مكروههم فقال ﴿بَلَغَ﴾ أي واصبر على تبليغ ما أنزلته إليك من كشف أسرارهم وفضائح أفعالهم، فإن الله يعصمك من كيدهم ويصونك من مكرهم.
وروى الحسن عن النبي ﷺ قال :" إن الله بعثني برسالته فضقت بها ذرعاً وعرفت أن الناس يكذبوني واليهود والنصارى وقريش يخوفوني، فلما أنزل الله هذه الآية زال الخوف بالكلية " وروي أن النبي ﷺ كان أيام إقامته بمكة يجاهر ببعض القرآن ويخفي بعضه إشفاقاً على نفسه من تسرع المشركين إليه وإلى أصحابه، فلما أعز الله الإسلام وأيده بالمؤمنين قال له :﴿يا أيها الرسول بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ﴾ أي لا تراقبن أحداً، ولا تترك شيئاً مما أنزل إليك خوفاً من أن ينالك مكروه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٤١﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الرسول بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ﴾.
قيل : معناه أَظهِر التبليغ ؛ لأنه كان في أوّل الإسلام يخفيه خوفاً من المشركين، ثم أمر بإظهاره في هذه الآية، وأعلمه الله أنه يَعصِمه من الناس.


الصفحة التالية