فائدة
قال أبو السعود :
﴿ فَلاَ خَوْفٌ ﴾ الفاء كما في قوله عز وعلا :﴿ إِنَّ الذين فَتَنُواْ المؤمنين والمؤمنات ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ﴾ الآية، فالمعنى على تقديم كون المراد بالذين آمنوا المنافقين وهو الأظهر أي من أحدث من هذه الطوائف إيماناً خالصاً بالمبدأ والمَعادِ على الوجه اللائق لا كما يزعمه أهل الكتاب فإن ذلك بمعزل من أن يكون إيماناً بهما، وعمل عملاً صالحاً حسبما يقتضيه الإيمانُ بهما فلا خوف عليهم حين يخاف الكفارُ العقابَ ولا هم يحزنون حيث يحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب، والمراد بيانُ دوام انتفائهما لا بيانُ انتفاء دوامهما كما يوهمُه كونُ الخبر في الجملة الثانية مضارعاً لما مر مراراً لأن النفي وإن دخل على نفس المضارع يفيد الدوام والاستمرار بحسب المقام، وأما على تقدير كون المراد بالذين آمنوا مطلقَ المتدينين بدين الإسلام المخلِصين منهم والمنافقين، فالمرادُ بمن آمن من اتصف منهم بالإيمان الخالص بالمبدأ والمَعادِ على الإطلاق سواء كان ذلك بطريق الثبات والدوام عليه كما هو شأن المخلصين أو بطريق إحداثه وإنشائه كما هو حالُ من عداهم من المنافقين وسائر الطوائف، وفائدةُ التعميم للمخلصين المبالغةُ في ترغيب الباقين في الإيمان ببيان أن تأخرهم في الاتصاف به غيرُ مُخلَ بكونهم أسوةً لأولئك الأقدمين الأعلام، وأما ما قيل : المعنى من كان منهم في دينه قبل أن يُنسَخَ مصدِّقاً بقلبه بالمبدأ أو المعاد عاملاً بمقتضى شرعه فمما لا سبيل إليه أصلاً كما مر تفصيله في سورة البقرة. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon