وقال الآلوسى :
﴿ لَقَدْ أَخَذْنَا ميثاق بَنِى إسرائيل ﴾ كلام مبتدأ مسوق لبيان بعض آخر من جناياتهم المنادية باستبعاد الإيمان منهم، وجعله بعضهم متعلقاً بما افتتح الله تعالى به السورة، وهو قوله سبحانه :﴿ أَوْفُواْ بالعقود ﴾ [ المائدة : ١ ] ولا يخفى بعده.
والمراد بالميثاق المأخوذ العهد المؤكد الذي أخذه أنبياؤهم عليهم في الإيمان بمحمد ﷺ واتباعه فيما يأتي ويذر، أو في التوحيد وسائر الشرائع والأحكام المكتوبة عليهم في التوراة.
﴿ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً ﴾ ذوي عدد كثير وأولي شأن خطير، يعرفونهم ذلك.
ويتعهدونهم بالعظة والتذكير ويطلعونهم على ما يأتون ويذرون في دينهم.
﴿ كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تهوى أَنفُسُهُمْ ﴾ أي بما لا تميل إليه من الشرائع ومشاق التكاليف، والتعبير بذلك دون بما تكرهه أنفسهم للمبالغة في ذمهم، وكلمة ﴿ كُلَّمَا ﴾ كما قال أبو حيان : منصوبة على الظرفية لإضافتها إلى ( ما ) المصدرية الظرفية وليست كلمة شرط، وقد أطلق ذلك عليها الفقهاء وأهل المعقول، ووجه ذلك السفاقسي بأن تسميتها شرطاً لاقتضائها جواباً كالشرط الغير الجازم فهي مثل إذا ولا بعد فيه، وجوابها كما قيل قوله تعالى :﴿ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ﴾.