والثاني : أنه بمعنى الأمر، وهو رأي ابن زياد الفَرَّاء ؛ كأنه قال : تُوبُوا واسْتَغْفِرُوا من هاتيْنِ المقالتيْنِ ؛ كقوله تعالى :﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ ﴾ [ المائدة : ٩١ ].
وكلامُ ابن عطيَّة يُفْهِم أنه للتحضيضِ، قال :" رَفَقَ جَلَّ وعلا بهمْ بتحضيضهِ إياهُمْ على التوبة وطلب المغفِرَةِ "، يعني بذلك من حيث المعنى، وإلاَّ فَفَهْمُ التحضيض من هذا اللفظ غيرُ مُسَلَّم، وكيف يُعْقَلُ أنَّ حرف العطفِ فصلَ بين الهمزة و" لا " المفهمةِ للتحضيض؟ [ فإنْ قلت ] :
هذا إنما يُشْكِلُ على قولنا : إنَّ " ألاَ " التحضيضية بسيطةٌ غيرُ مركَّبةٍ، فلا يُدَّعى فيها الفصلُ بحرفِ العطف، أما إذا قلنا : إنها همزةُ الاستفهام دَخَلَتْ على " لا " النافيةِ، وصارَ معناهما التحضيضَ، فلا يَضُرُّ الفصلُ بحرف العَطْف ؛ لأنه عُهِد في " لا " النافيةِ الداخلِ عليها همزةُ الاستفهام، فالجواب : أنه لا يجوزُ مطلقاً ؛ لأنَّ ذلك المعنى قد انسلخ وحدثَ معنى آخرُ، وهو التحضيضُ ؛ فلا يلزم من الجوازِ في الأصْلِ الجوازُ بعد حدوثِ معنى جديد. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٧ صـ ٤٦٢﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
قوله :﴿ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ لم يُغْلِقُ بابَ التوبة عليهم - مع قبيح أقوالهم، وفساد عقائدهم - تضعيفاً لآمال المؤمنين بخصائص رحمته. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٤٤٠﴾


الصفحة التالية
Icon