وقيل : أريد هنا وصفها بالمبالغة في التّصديق لقوله تعالى :﴿ وصدّقت بكلمات ربّها ﴾ [ التحريم : ١٢ ]، كما لقّب أبو بكر بالصدّيق لأنّه أوّل من صدّق رسول الله ﷺ كما في قوله تعالى :﴿ والّذي جاء بالصّدق وصدّق به ﴾ [ الزمر : ٣٣ ]، فيكون مشتقّاً من المزيد.
وقوله :﴿ كانا يأكلان الطّعام ﴾ جملة واقعة موقع الاستدلال على مفهوم القصر الّذي هو نفي إلهيّة المسيح وأمّه، ولذلك فصلت عن الّتي قبلها لأن الدّليل بمنزله البيان، وقد استدلّ على بشريتهما بإثبات صفة من صفات البشر، وهي أكل الطّعام.
وإنَّما اختيرت هذه الصّفة من بين صفات كثيرة لأنّها ظاهرة واضحة للنّاس، ولأنّها أثبتتها الأناجيل ؛ فقد أثبتت أنّ مريم أكلت ثَمر النخلة حين مخاضها، وأنّ عيسى أكل مع الحواريين يوم الفِصْح خبزاً وشرب خمراً، وفي إنجيل لوقاً إصحاح٢٢ "وقال لهم اشتهيت أن آكل هذا الفِصحَ معكم قبل أن أتألّم لأنّي لا آكل منه بعدُ، وفي الصبح إذْ كان راجعاً في المدينة جاع". أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon