والآيات جمع آية، وهي العلامة على وجود المطلوب، استعيرت للحجّة والبرهان لشبهه بالمكان المطلوب على طريق المكنية، وإثبات الآيات له تخييل، شبّهت بآيات الطّريق الدّالة على المكان المطلوب.
وقوله :﴿ ثمّ انظر أنّى يؤفكون ﴾ ( ثمّ ) فيه للترتيب الرتبي والمقصود أنّ التأمّل في بيان الآيات يقتضي الانتقال من العجب من وضوح البيان إلى أعجب منه وهو انصرافهم عن الحقّ مع وضوحه.
و﴿ يؤفكون ﴾ يصرفون، يقال : أفكَهُ من باب ضَرب، صَرفه عن الشّيء.
و﴿ أنَّى ﴾ اسم استفهام يستعمل بمعنى من أين، ويستعمل بمعنى كيف.
وهو هنا يجوز أن يكون بمعنى كيفَ ( كما ) في "الكشاف"، وعليه فإنّما عدل عن إعادة ﴿ كيف ﴾ تفنّناً.
ويجوز أن تكون بمعنى من أين، والمعنى التعجيب من أين يتطرّق إليهم الصّرف عن الاعتقاد الحقّ بعد ذلك البيان المبالغ غاية الوضوح حتّى كان بمحلّ التّعجيب من وضوحه.
وقد علّق بـ ﴿ أنَّى ﴾ فعل ﴿ انظر ﴾ الثّاني عن العمل وحذف متعلّق ﴿ يؤفكون ﴾ اختصاراً، لظهور أنّهم يصرفون عن الحقّ الّذي بيّنته لهم الآيَات. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾