و " كان " فعل ماضي، و" ذو عسرة " اسم كان التامة ؛ لذلك لا خبر لها ؛ لأن المقصود هو القول : وإن وُجِد ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة. ولا بد لنا أن نعرف ما معنى " تام " وما معنى " ناقص "؟ نعلم أن كل لفظ ننطق به ويدور حول أمرين اثنين، إما لفظ مهمل وغير مستعمل وإمّا لفظ مستعمل. والمستعمل هو الذي له معنى يصل إلى الذهن ساعة نطقه ويستقل به الفهم، فإن كان لا دخل للزمن فيه فهو الاسم ككلمة " أرض " و" شمس " و" قمر ". وهناك لفظ لا يستقل بالفهم كحرف الجر " في " مثلاً. صحيح أنه يدل على شيء في شيء ؛ ولكنه لا يستقل بالفهم ؛ لذلك لا بد أن ينضم لشيء، كقولنا : الماء في الكوب أو قولنا : التلميذ في الفصل. فإذا كان للفظ معنى ومستقل بالفهم، والزمن له دخل فيه فهو الفعل.
مثال ذلك قولنا : السماء. إن السماء كانت في الماضي وهي في الحاضر وهي في المستقبل. إذن فالزمن لا دخل له بها، وكلمة : كلُوا نجدها تأتي من الأكل، وهي معنى مستقل بالفهم والزمن جزء منه. ولفظ " في " يدل على معنى غير مستقل بالفهم فلا بد من أن ينضم لشيء آخر.
إذن كل لفظ له معنى، وهذا المعنى قد يكون مستقلا بالفهم أو غير مستقل، فإن كان مستقلاً بالفهم فإننا نسأل : هل الزمن جزء منه؟ وفي هذه الحالة يكون " فعلاً " وإن لم يكن الزمن جزء منه فهو الاسم. وإن كان غير مستقل بالفهم ويريد شيئاً آخر ليستقيم المعنى فهو " حرف ".
وهكذا تعرف الألفاظ. والفعل هو " معنى زائد عليه زمن " كقولنا : أكل ؛ فهي تعني تناول إنسان طعاماً في زمن ماضٍ، وهكذا نفهم قولنا :" كان ". فإن قلنا :" كان " بمعنى حدوث شيء في الماضي، كقولنا " كان زيد مسافراً " فهي ناقصة. وفي ضوء هذا نفهم قول الحق :﴿ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ ﴾ [ البقرة : ٢٨٠ ].
فإن أردت الوجود فقط من غير شيء جديد طارئ عليه، فالفعل يكون تاماً لا يحتاج إلى خبر.