ووقوع ( إنّ ) في مثل هذا المقام تغني غَناء فاء التّفريع وتفيد التّعليل.
وفي حكايته تعريض بأنّ قولهم ذلك قد أوقعهم في الشرك وإن كانوا يظنّون أنّهم اجتنبوه حذراً من الوقوع فيما حذّر منه المسيح، لأنّ الّذين قالوا : إنّ الله هو المسيح.
أرادوا الاتّحاد بالله وأنّه هو هُو.
وهذا قول اليعاقبة كما تقدّم آنفاً، وفي سورة النّساء.
وذلك شرك لا محالة، بل هو أشدّ، لأنّهم أشركوا مع الله غيره ومزجوه به فوقعوا في الشّرك وإن راموا تجنّب تعدّد الآلهة، فقد أبطل الله قولهم بشهادة كلام من نسبوا إليه الإلهية إبطالاً تامّاً.
وإن كانت الجملة من كلام الله تعالى فهو تذييل لإثبات كفرهم وزيادة تنبيه على بطلان معتقدهم وتعريض بهم بأنّهم قد أشركوا بالله من حيث أرادوا التّوحيد.
والضّمير المُقترن بإنّ ضمير الشأن يدلّ على العناية بالخبر الوارد بعده.
ومعنى ﴿ حَرّم الله عليه الجَنّة ﴾ منعها منه، أي من الكون فيها.
والمأوى : المكان الّذي يأوى إليه الشيء، أي يرجع إليه.
وجملة ﴿ وما للظّالمين من أنصار ﴾ يحتمل أيضاً أن تكون من كلام المسيح عليه السلام على احتمال أن يكون قوله :﴿ إنّه من يشرك بالله ﴾ من كلامه، ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى تذييلاً لكلام المسيح على ذلك الاحتمال، أو تذييلاً لكلام الله تعالى على الاحتمال الآخر.
والمراد بالظّالمين المشركون ﴿ إنّ الشرك لظلم عظيم ﴾ [ لقمان : ١٣ ]، أي ما للمشركين من أنصار ينصرونهم لينقذوهم من عذاب النّار.
فالتّقدير : ومأواه النّار لا محالة ولا طمع له في التّخلّص منه بواسطة نصير، فبالأحرى أن لا يتخلّص بدون نصير. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾