وقال أبو السعود :
﴿ ترى كَثِيراً مّنْهُمْ ﴾ أي من أهل الكتاب ككعبِ بن الأشرف وأضرابِه حيث خرجوا إلى مشركي مكةَ ليتّفقوا على محاربة النبي عليه الصلاة والسلام، والرؤيةُ بصرية وقوله تعالى :﴿ يَتَوَلَّوْنَ الذين كَفَرُواْ ﴾ حال من ( كثيراً ) لكونه موصوفاً، أي يوالون المشركين بُغضاً لرسول الله ﷺ والمؤنين، وقيل : مِنْ منافقي أهل الكتاب يتولَّوْن اليهود. وهو قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد والحسن، وقيل : يوالون المشركين ويُصافوُنهم ﴿ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ ﴾ لبئس شيئاً قدّموا ليَرِدوا عليه يوم القيامة ﴿ أَن سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ ﴾ هو المخصوصُ بالذم على حذف المضاف وإقامةِ المضاف إليه مُقامَه، تنبيهاً على كمال التعلق والارتباط بينهما كأنهما شيء واحد، ومبالغةً في الذم أي موجبُ سُخطِه تعالى، ومحله الرفع على الابتداء والجملة قبله خبرُه، والرابط عند من يشترطه هو العموم، أو لا حاجة إليه، لأن الجملةَ عينُ المبتدأ، أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف ينبىء عنه الجملة المتقدمة، كأنه قيل : ما هو؟ أو أيُّ شيء هو؟ فقيل : هو أنْ سخِط الله عليهم، وقيل : المخصوصُ بالذم محذوفٌ و( ما ) اسم تامٌّ معرفةٌ في محل رفع بالفاعلية لفعل الذم، و( قدمت لهم أنفسهم ) جملة في محل الرفع على أنها صفة للمخصوصِ بالذم قائمةٌ مَقامه، والتقدير لبئس الشيءُ شيءٌ قدّمتْه لهم أنفسُهم، فقوله تعالى :﴿ أَن سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ ﴾ بدلٌ من ( شيء ) المحذوفِ، وهذا مذهب سيبويه ﴿ وَفِى العذاب ﴾ أي عذاب جهنم ﴿ هُمْ خالدون ﴾ أبد الآبدين. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾