الثالث : أنه مبتدأ، خبرُه محذوفٌ، وقد تقدَّم تحريرُ ذلك، وإلى كونه مخصوصاً بالذمِّ ذهب جماعةٌ كالزمخشريِّ، ولم يذكر غيره، قال :﴿ أَن سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ ﴾ هو المخصوصُ بالذمِّ ؛ كأنه قيل : لبِئْسَ زادُهُمْ إلى الآخرة سخطُ اللَّهِ تعالى عليْهِمْ، والمعنى : مُوجِبُ سُخط الله "، قال شهاب الدين : وفي تقدير هذا المضاف من المحاسنِ ما لا يَخْفَى على متأمِّلِهِ ؛ فإنَّ نفسَ السُّخْطِ المضاف إلى الباري تعالى لا يقالُ هو المخصوصُ بالذمِّ، إنما المخصوصُ بالذمِّ أسبابُه، وذهبَ إليه أيضاَ الواحديُّ ومكي وأبو البقاء، إلاَّ أنَّ أبا حيان بعد أنْ حكى هذا الوجه عن أبي القاسم الزمخشريِّ قال :" ولَمْ يَصِحَّ هذا الإعرابُ إلا على مذهبِ الفرَّاءِ والفارسيِّ في جَعْلِ " مَا " موصولةً، أو على مذهب من يجعلُ " مَا " تمييزاً، و" قَدَّمَتْ لَهُمْ " صفتها، وأمَّا على مذهبِ سيبويه، فلا يتأتَّى ذلك " ثم ذكر مذهبَ سيبويه.
والوجه الثالث من أوجه " أنْ سَخِطَ " : أنه في محلِّ رفع على البدلِ من " مَا "، وإلى ذلك ذهب مكي وابنُ عطية، إلا أن مكِّيًّا حكاه عن غيره، قال :" وقيل : في موضعِ رفع على البدلِ من " مَا " في " لَبِئْسَ " على أنها معرفةٌ "، قال أبو حيان - بعد ما حكى هذا الوجه عن ابن عطيَّة - :" ولا يَصِحُّ هذا، سواءٌ كانت " مَا " تامَّةً أو موصولةً ؛ لأنَّ البدلَ يَحُلُّ محلَّ المبدل منه، و" أنْ سَخِطَ " لا يجوزُ أنْ يكونَ فاعلاً لـ " بِئْسَ " ؛ لأنَّ فاعل " بِئْسَ " لا يكونُ أن والفِعْلَ " وهو إيرادٌ واضحٌ كما قاله.