(إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) أَمَرَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالتَّوْحِيدِ الْخَالِصِ، وَقَفَّى عَلَيْهِ بِالتَّحْذِيرِ مِنَ الشِّرْكِ، وَالْوَعِيدِ عَلَيْهِ، بِبَيَانِ أَنَّ الْحَالَ وَالشَّأْنَ الثَّابِتَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى هُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا مَا مِنْ مَلَكٍ أَوْ بَشَرٍ أَوْ كَوْكَبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، بِأَنْ يَجْعَلَهُ نِدًّا لَهُ، أَوْ مُتَّحِدًا بِهِ، أَوْ يَدْعُوهُ لِجَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ أَوْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُقَرِّبُهُ إِلَى اللهِ زُلْفًى، فَيَتَّخِذُهُ شَفِيعًا، زَاعِمًا أَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي إِرَادَةِ اللهِ تَعَالَى أَوْ عِلْمِهِ، فَيَحْمِلُهُ عَلَى شَيْءٍ غَيْرِ مَا سَبَقَ بِهِ عِلْمُهُ، وَخَصَّصَتْهُ إِرَادَتُهُ فِي الْأَزَلِ، مَنْ يُشْرِكُ هَذَا الشِّرْكَ وَنَحْوَهُ فَإِنَّ اللهَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فِي الْآخِرَةِ، بَلْ هُوَ قَدْ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ، وَبِمُقْتَضَى دِينِهِ الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَى جَمِيعِ رُسُلِهِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ مَأْوَى وَلَا مَلْجَأُ يَأْوِي إِلَيْهِ إِلَّا النَّارُ، دَارُ الْعَذَابِ وَالْهَوَانِ، وَمَا لِهَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ بِالشِّرْكِ مِنْ نَصِيرٍ يَنْصُرُهُمْ، وَلَا شَفِيعٍ يُنْقِذُهُمْ (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (٢ : ٢٥٥) (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ٢١ : ٢٨) فَالنَّافِعُ رِضَاهُ (وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ) (٣٩ : ٧) وَشَرُّ أَنْوَاعِهِ الشِّرْكُ. وَنُكْتَةُ جَمْعِ الْأَنْصَارِ مَعَ كَوْنِ النَّكِرَةِ الْمُفْرَدَةِ تُفِيدُ


الصفحة التالية
Icon