ط الْهَيْئَةِ) وَبَيَّنَّا قُبَيْلَهَا عَقِيدَةَ الصَّلْبِ وَالْفِدَاءِ، رَاجِعْ (ص٢٠ وَمَا بَعْدَهَا ج ٦ ط الْهَيْئَةِ) ثُمَّ بَيَّنَّا عَقِيدَةَ التَّثْلِيثِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ ١٧ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ (ص٢٥٣ وَمَا بَعْدَهَا ج ٦ ط الْهَيْئَةِ).
قَالَ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ :(وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ) أَيْ قَالُوا هَذَا بِلَا رَوِيَّةٍ وَلَا بَصِيرَةٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ ثَلَاثَةُ آلِهَةٍ، وَلَا اثْنَانِ، وَلَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، لَا يُوجَدُ إِلَهٌ مَا إِلَّا إِلَهٌ مُتَّصِفٌ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَهُوَ " اللهُ " الَّذِي لَا تَرْكِيبَ فِي ذَاتِهِ، وَلَا تَعَدُّدَ. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَشَدُّ تَأْكِيدًا لِنَفْيِ تَعَدُّدِ الْإِلَهِ مِنْ عِبَارَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ ; لِأَنَّ (مِنْ) بَعْدَ (مَا) تُفِيدُ اسْتِغْرَاقَ النَّفْيِ وَشُمُولِهِ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُتَعَدِّدِ وَكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ، فَلَيْسَ ثَمَّ تَعْدَادُ ذَوَاتٍ وَأَعْيَانٍ، وَلَا تَعَدُّدُ أَجْنَاسٍ أَوْ أَنْوَاعٍ، وَلَا تَعَدُّدَ جُزْئِيَّاتٍ أَوْ أَجْزَاءٍ، وَالنَّصَارَى قَدِ اقْتَبَسُوا عَقِيدَةَ التَّثْلِيثِ عَمَّنْ قَبْلَهُمْ، وَلَمْ يَفْهَمُوهَا، وَعُقَلَاؤُهُمْ يَتَمَنَّوْنَ لَوْ يَقْدِرُونَ عَلَى التَّفَصِّي مِنْهَا، وَلَكِنَّهُمْ إِذَا أَنْكَرُوهَا، بَعْدَ هَذِهِ الشُّهْرَةِ تَبْطُلُ ثِقَةُ الْعَامَّةِ بِالنَّصْرَانِيَّةِ كُلِّهَا. كَمَا قَالَ أَحَدُ عُقَلَاءِ الْقُسُوسِ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْعَصْرِيِّ مِنَ الشُّبَّانِ السُّورِيِّينَ.


الصفحة التالية
Icon