قال القاضي أبو محمد : والإجماع على أن النهي عن المنكر واجب لمن أطاقه ونهى بمعروف وأمن الضرر عليه وعلى المسلمين، فإن تعذر على أحد النهي لشيء من هذه الوجوه ففرض عليه الإنكار بقلبه وأن لا يخالط ذا المنكر، وقال حذاق أهل العلم : ليس من شروط الناهي أن يكون سليماً من المعصية، بل ينهي العصاة بعضهم بعضاً، وقال بعض الأصوليين فرض على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضاً. واستدل قائل هذه المقالة بهذه الآية، لأن قوله ﴿ يتناهون ﴾ و﴿ فعلوه ﴾ يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي. وقوله تعالى ﴿ لبئس ما كانوا يفعلون ﴾ اللام لام قسم، جعل الزجاج ﴿ ما ﴾ مصدرية وقال : التقدير لبئس شيئاً فعلهم.
قال القاضي أبو محمد : وفي هذا نظر، وقال غيره ﴿ ما ﴾ نكرة موصوفة، التقدير : لبئس الشيء الذي كانوا يفعلون فعلاً. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ﴾ أي لا ينهى بعضهم بعضاً عن منكر.
وقيل : معناه لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه ولا عن الإصرار عليه ﴿ لبئس ما كانوا يفعلون ﴾ اللام في لبئس لام القسم أي أقسم لبئس ما كانوا يفعلون يعني من ارتكاب المعاصي والعدوان.


الصفحة التالية