إشارة إلى أنهم ما كانوا على حقيقة النصرانية ﴿إنا نصارى﴾ أي لقلة اهتمامهم بالدنيا بمجرد قولهم ذلك ولو لم يكونوا عريقين في الدين وإقبالهم على علم الباطن، ولذلك علله بقوله :﴿ذلك بأن منهم قسيسين﴾ أي مقبلين على العلم، من القس، وهو ملامة الشيء وتتبعه ﴿ورهباناً﴾ أي في غاية التخلي من الدنيا ؛ ولما كان التخلي منها موجباً للبعد من الحسد، وهو سبب لمجانبة التكبر قال :﴿وأنهم لا يستكبرون﴾ أي لا يطلبون الرفعة على غيرهم ولا يوجدونها. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٢٢ ـ ٥٢٣﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما ذكر من أحوال أهل الكتاب من اليهود والنصارى ما ذكره ذكر في هذه الآية أن اليهود في غاية العدواة مع المسلمين، ولذلك جعلهم قرناء للمشركين في شدة العداوة، بل نبه على أنهم أشد في العداوة من المشركين من جهة أنه قدم ذكرهم على ذكر المشركين.
ولعمري أنهم كذلك.
وعن النبي ﷺ أنه قال :" ما خلا يهوديان بمسلم إلا هما بقتله " وذكر الله تعالى أن النصارى ألين عريكة من اليهود وأقرب إلى المسلمين منهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٥٥﴾