فإن قيل : هذا هو الوجه الثاني المتقدِّم، وذكرت عن أبي حيان هناك ؛ أنه منع مجيء الحالين لِذِي حالٍ واحدةٍ، وبأنه يلزمُ دخولُ الواو على المضارع، فما الفرقُ بين هذا وذاك؟ فالجوابُ : أنَّ الممنوع تعدُّدُ الحالِ دُونَ عاطف، وهذه الواوُ عاطفةٌ، وأنَّ المضارع إنما يمتنعُ دخولُ واوِ الحال عليه، وهذه عاطفةٌ لا واوُ حالٍ ؛ فحَصَلَ الفرقُ بينهما من جهة الواو ؛ حيثُ كانت في الوجه الثاني واوَ الحال، وفي هذا الوجه واو عطف، ولَمَّا حكى الزمخشريُّ هذا الوجه، أبدى له معنيين حسنين ؛ فقال - رحمه الله - :" وأن يكون معطوفاً على " لا نُؤمِنُ " على معنى : وما لنا نَجْمَعُ بَيْنَ التثْليثِ وبين الطَّمَع في صُحْبَةِ الصَّالحينَ، أو على معنى : ومَا لَنَا لا نَجْمَعُ بينهما بالدُّخُولِ في الإسلام ؛ لأنَّ الكَافِرَ ما ينبغي له أن يطمعَ في صُحْبَة الصَّالحِينَ ".
الخامس : أنها جملة استئنافية، قال أبو حيان : الأحسنُ والأسهلُ : أن يكون استئناف إخبارٍ منهم ؛ بأنهم طامعون في إنعام الله عليهم ؛ بإدخالهم مع الصالحين، فالواوُ عطافةٌ هذه الجملة على جملة ﴿ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ ﴾، قال شهاب الدين : وهذا المعنى هو ومعنى كونها معطوفةً على المَحْكيِّ بالقول قبلها - شيءٌ واحدٌ - فإن [ فيه ] الإخبار عنهُمْ بقولهم كَيْتَ وكَيْتَ.


الصفحة التالية
Icon