عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } فَهَذَا مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا لَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا ﴾ فَهَذَا فِيهِ تَقْيِيدٌ. فَإِنَّ الْوَالِدَ إذَا دَعَا الْوَلَدَ إلَى الشِّرْكِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطِيعَهُ بَلْ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ وَيَنْهَاهُ وَهَذَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لِلْوَالِدِ هُوَ مِنْ الْإِحْسَانِ إلَيْهِ. وَإِذَا كَانَ مُشْرِكًا جَاز لِلْوَلَدِ قَتْلُهُ وَفِي كَرَاهَتِهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. قَوْلُهُ :﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إمْلَاقٍ ﴾ فَهَذَا تَحْرِيمٌ خَاصٌّ ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ هَذَا مُطْلَقٌ ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ هَذَا مُقَيَّدٌ فَإِنَّ يَتَامَى الْمُشْرِكِينَ أَهْلِ الْحَرْبِ يَجُوزُ غَنِيمَةُ أَمْوَالِهِمْ ؛ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ : هَذَا أَخْذٌ وَقُرْبَانٌ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إذَا فُسِّرَ الْأَحْسَنُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ﴾ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾ هَذَا مُطْلَقٌ. ﴿ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ﴾ فَالْوَفَاءُ وَاجِبٌ ؛ لَكِنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ عَهْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يَسْكُتُ عَنْهُ الْإِنْسَانُ وَبَيْنَ مَا يَلْفِظُ بِهِ وَيَفْعَلُهُ وَيَأْمُرُ بِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ فَحَصَلَ بِسَبَبِهِ خَيْرٌ وَبَيْنَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْعَبْدُ فَيَحْصُلُ بِسَبَبِهِ خَيْرٌ. أ هـ ﴿مجموع الفتاوى حـ ١٤ صـ ٤٥٦ ـ ٤٧٨ ﴾


الصفحة التالية
Icon