وَخَيْرُ الْأُمُورِ الْوَسَطُ، فَرَاجِعْ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى :(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) (٢ : ١٤٣) وَالْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ خِيَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْوَسَطُ :(وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (٢٥ : ٦٧).
(وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالًا طَيِّبًا) هَذَا تَصْرِيحٌ بِالْأَمْرِ بِضِدِّ مُقْتَضَى النَّهْيِ الَّذِي قَبْلَهُ، أَيْ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ تَعَالَى إِيَّاهُ حَالَ كَوْنِهِ حَلَالًا فِي نَفْسِهِ، غَيْرَ دَاخِلٍ فِيمَا حَرَّمَهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمَيْتَةِ بِأَنْوَاعِهَا وَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَحَلَالًا فِي طَرِيقَةِ كَسْبِهِ وَتَنَاوُلِهِ، بِأَلَّا يَكُونَ رِبًا أَوْ سُحْتًا أَوْ غَصْبًا أَوْ سَرِقَةً، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : إِنَّ الرِّزْقَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ مَا مُلِكَ مِلْكًا صَحِيحًا، لَا كُلَّ مَا انْتَفَعَ بِهِ الْإِنْسَانُ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى هَذَا الْقَيْدِ وَحَالُ كَوْنِهِ مُسْتَلَذًّا غَيْرَ مُسْتَقْذَرٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ لِفَسَادٍ طَرَأَ عَلَيْهِ كَالطَّعَامِ الْمُنْتِنِ.
وَالْمُرَادُ بِالْأَكْلِ التَّمَتُّعُ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الشُّرْبُ مِمَّا كَانَ حَلَالًا غَيْرَ مُسْكِرٍ وَلَا ضَارٍّ، طَيِّبًا غَيْرَ مُسْتَقْذَرٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِفَسَادِهِ أَوْ نَجَاسَةٍ طَرَأَتْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْأَكْلِ لِأَنَّهُ
هُوَ الْغَالِبُ