وحجة أبي حنيفة رحمه الله أنه تعالى قال :﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ والأوسط هو الأعدل والذي ذكره الشافعي رحمه الله هو أدنى ما يكفي، فأما الأعدل فيكون بإدام، وهكذا روي عن ابن عباس رحمهما الله : مد معه إدامه، والإدام يبلغ قيمته قيمة مد آخر أو يزيد في الأغلب.
أجاب الشافعي رحمه الله بأن قوله ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ يحتمل أن يكون المراد التوسط في القدر، فإن الإنسان ربما كان قليل الأكل جداً يكفيه الرغيف الواحد، وربما كان كثير الأكل فلا يكفيه المنوان، إلا أن المتوسط الغالب أنه يكفيه من الخبز ما يقرب من المن، ويحتمل أن يكون المراد التوسط في القيمة لا يكون غالباً كالسكر، ولا يكون خسيس الثمن كالنخالة والذرة، والأوسط هو الحنطة والتمر والزبيب والخبز، ويحتمل أن يكون المراد الأوسط في الطيب واللذاذة، ولما كان اللفظ محتملاً لكل واحد من الأمرين فنقول : يجب حمل اللفظ على ما ذكرناه لوجهين : الأول : أن الإدام غير واجب بالإجماع فلم يبق إلا حمل اللفظ على التوسط في قدر الطعام.
الثاني : أن هذا القدر واجب بيقين، والباقي مشكوك فيه لأن اللفظ لا دلالة فيه عليه فأوجبنا اليقين وطرحنا الشك والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٦٣ ـ ٦٤﴾

فصل


قال الفخر :
قال الشافعي رحمه الله : الواجب تمليك الطعام.
وقال أبو حنيفة رحمه الله : إذا غدى أو عشى عشرة مساكين جاز.
حجة الشافعي : أن الواجب في هذه الكفارة أحد الأمور الثلاثة، إما الاطعام، أو الكسوة، أو الاعتاق، ثم أجمعنا على أن الواجب في الكسوة التمليك، فوجب أن يكون الواجب في الاطعام هو التمليك.


الصفحة التالية
Icon