وقال الشافعي رحمه الله : الرقبة المجزية في الكفارة كل رقبة سليمة من عيب يمنع من العمل، صغيرة كانت أو كبيرة، ذكراً أو أنثى، بعد أن تكون مؤمنة، ولا يجوز إعتاق الكافرة في شيء من الكفارات، ولا إعتاق المكاتب، ولا شرء القريب، وهذه المسائل قد ذكرناها في آية الظهار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٦٤﴾
لطيفة
قال الفخر :
لقائل أن يقول : أي فائدة لتقديم الإطعام على العتق مع أن العتق أفضل لا محالة.
قلنا له وجوه : أحدها : أن المقصود منه التنبيه على أن هذه الكفارة وجبت على التخيير لا على الترتيب لأنها لو وجبت على الترتيب لوجبت البداءة بالأغلظ، وثانيها : قدم الإطعام لأنه أسهل لكون الطعام أعم وجوداً، والمقصود منه التنبيه على أنه تعالى يراعي التخفيف والتسهيل في التكاليف، وثالثها : أن الإطعام أفضل لأن الحر الفقير قد لا يجد الطعام، ولا يكون هناك من يعطيه الطعام فيقع في الضر، أما العبد فإنه يجب على مولاه إطعامه وكسوته. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٦٤ ـ ٦٥﴾
قوله تعالى ﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثلاثة أَيَّامٍ﴾

فصل


قال الفخر :
قال الشافعي رحمه الله : إذا كان عنده قوته وقوت عياله يومه وليلته ومن الفضل ما يطعم عشرة مساكين لزمته الكفارة بالاطعام، وإن لم يكن عنده هذا القدر جاز له الصيام وعند أبي حنيفة رحمه الله، يجوز له الصيام إذا كان عنده من المال ما لا يجب فيه الزكاة، فجعل من لا زكاة عليه عادماً.
حجة الشافعي رحمه الله، أنه تعالى علق جواز الصيام على عدم وجدان هذه الثلاثة، والمعلق على الشرط عدم عند عدم الشرط، فعند عدم وجدان هذه الثلاثة وجب أن لا يجوز الصوم، تركنا العمل به عند وجدان قوت نفسه وقوت عياله يوماً وليلة لأن ذلك كالأمر المضطر إليه، وقد رأينا في الشرع أنه متى وقع التعارض في حق النفس وحق الغير كان تقديم حق النفس واجباً، فوجب أن تبقى الآية معمولاً بها في غير هذه الصورة.


الصفحة التالية
Icon