ثم جمع الناس وخاطبهم ثم قال :" ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا أما أني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهباناً فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء واتخاد الصوامع وإن سياحة أمتي الصوم ورهبانيتهم الجهاد إعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واستقيموا يستقيم لكم فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد شدّدوا على أنفسهم فشدّد اللّه عليهم باطلاً بإقدامهم في الديرات والصوامع فأنزل اللّه تعالى هذه الآية ".
وروى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال :" ضاف عبد اللّه بن رواحة ضيفاً فانقلب ابن رواحة ولم يتعشّ فقال لزوجته : ما عشيتيه؟ فقالت : كان الطعام قليلاً فانتظرتك، فقال : جستِ ضيفي من أجلي؟ طعامك عليّ حرام فقالت : وهو عليّ حرام إن لم تأكله. وقال الضيف : وهو حرام إن ذقته إن لم تأكلوه، فلما رأى ذلك ابن رواحة، قال : قرّبي طعامك كلوا بسم اللّه وجاء إلى رسول اللّه ﷺ وأخبره بذلك، فقال ( عليه السلام ) : أحسنت ونزلت هذه الآية ".
روى عكرمة عن ابن عباس : إن رجلاً أتى رسول اللّه ﷺ، فقال : يا رسول اللّه إني صمت من اللحم فأشريت، وأخذتني شهوة فحرمت اللحم، فأنزل اللّه ﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ الله لَكُمْ ﴾. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال السمرقندى :
﴿ يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ تُحَرّمُواْ طيبات مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ ﴾ نزلت في جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ، أنهم سمعوا من النبي ﷺ وصف القيامة يوماً، وخوف النار والحساب، فاجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون، فتواثقوا بأن يخصوا أنفسهم، ويترهبوا فنهاهم الله عن ذلك.
فنزلت هذه الآية :﴿ يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ تُحَرّمُواْ طيبات مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon