وقوله ﴿ واتّقوا الله الذي أنتم به مؤمنون ﴾ جاء بالموصول للإيماء إلى علّة الأمر بالتقوى، أي لأنّ شأن الإيمان أن يقتضي التقوى، فلمّا آمنتم بالله واهتديتم إلى الإيمان فكمِّلوه بالتقوى.
روي أنّ الحسن البصري لقيَ الفرزدق في جنازة، وكانا عند القبر، فقال الحسن للفرزدق : ما أعدَدْت لهذا.
يعني القَبر.
قال الفرزدق : شهادة أن لا إله إلاّ الله كذا كذا سنة.
فقال الحسن : هذا العمود، فأين الأطْناب. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
فائدة
قال الفخر :
لم يقل تعالى : كلوا ما رزقكم، لكن قال ﴿كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله﴾ وكلمة ( من ) للتبعيض، فكأنه قال : اقتصروا في الأكل على البعض وأصرفوا البقية إلى الصدقات والخيرات لأنه إرشاد إلى ترك الإسراف كما قال :﴿وَلاَ تُسْرِفُواْ﴾ [ الأنعام : ١٤١ ] [ الأعراف : ٣١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٦١﴾
لطيفة
قال الفخر :
﴿وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله﴾ يدل على أنه تعالى قد تكفل برزق كل أحد.
فإنه لو لم يتكفل برزقه لم قال ﴿كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله﴾ وإذا تكفل الله برزقه وجب أن لا يبالغ في الطلب وأن يعول على وعد الله تعالى وإحسانه، فإنه أكرم من أن يخلف الوعد، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :" ألا فاتقوا الله وأجملوا في الطلب " أما قوله ﴿واتقوا الله﴾ فهو تأكيد للتوصية بما أمر به، زاده توكيداً بقوله تعالى :﴿أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ لأن الإيمان به يوجب التقوى في الانتهاء إلى ما أمر به وعما نهى عنه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٦١﴾