وتنشأ عنها مفاسد أخر من قتل النفس وشدّة البغضاء وارتكاب المعاصي لأن ملاك هذه كلها العقل فإذا ذهب العقل أتت هذه المفاسد، والميسر فيه أخذ المال بالباطل، وهذا الخطاب للمؤمنين والذي منعوا منه في هذه الآية هي شهوات وعادات، فأما الخمر فكانت لم تحرم بعد وإنما نزل تحريمها بعد وقعة أحد سنة ثلاث من الهجرة، وأما الميسر ففيه لذة وغلبة، وأما الأنصاب فإن كانت الحجارة التي يذبحون عندها وينحرون فحكم عليها بالرجس دفعاً لما عسى أن يبقى في قلب ضعيف الإيمان من تعظيمها وإن كانت الأنصاب التي تعبد من دون الله فقرنت الثلاثة بها مبالغة في أنه يجب اجتنابها كما يجب اجتناب الأصنام، وأما الأزلام التي كان الأكثرون يتخذونها في أحدها لا وفي الآخر نعم، والآخر غفل وكانوا يعظمونها ومنها ما يكون عند الكهان ومنها ما يكون عند قريش في الكعبة وكان فيها أحكام لهم، ومن هذا القبيل الزجر بالطير وبالوحش وبأخذ الفأل في الكتب، ونحوه مما يصنعه الناس اليوم وقد اجتمعت أنواع من التأكيد في الآية منها التصدير بإنما وقران الخمر والميسر بالأصنام إذا فسرنا الأنصاب بها وفي الحديث " مدمن الخمر كعابد وثن " والإخبار عنها بقوله رجس وقال تعالى :﴿ فاجتنبوا الرجس من الأوثان ﴾ ووصفه بأنه من عمل الشيطان والشيطان لا يأتي منه إلا الشر البحت، والأمر بالاجتناب وترجية الفلاح وهو الفوز باجتنابه فالخيبة في ارتكابه، وبدىء بالخمر لأن سبب النزول إنما وقع بها من الفساد ولأنها جماع الإثم.