وقال ابن عطية :
الخطاب للمؤمنين جميعاً، لأن هذه الأشياء شهوات وعادات قد تلبس بها في الجاهلية وغلبت على النفوس فكان بقي منها في نفوس كثير من المؤمنين، فأما ﴿ الخمر ﴾ فكانت لم تحرم بعد وأما ﴿ الميسر ﴾ ففيه قمار ولذة للفارغ من النفوس ونفع أيضاً بوجه ما، وأما ﴿ الأنصاب ﴾ وهي حجارة يذكون عندها لفضل يعتقدونه فيها، وقيل هي الأصنام المعبودة كانوا يذبحون لها وعندها في الجاهلية. فإن كانت المرادة في هذه الآية الحجارة التي يذبح عندها فقط فذلك لأنه كان في نفس ضعفة المؤمنين شيء من تعظيم تلك الحجارة، وهذا كما قالت امرأة الطفيل بن عمرو الدوسي لزوجها : أتخاف على الصبية من ذي الشرى شيئاً؟ وذو الشرى صنم لدوس، وإن كانت المرادة في هذه الآية الأصنام فإنما قرنت بهذه الأمور ليبين النقص في هذه إذ تقرن بالأصنام، ولا يتأول أنه بقي في نفس مؤمن شيء من تعظيم الأصنام والتلبس بها حتى يقال له اجتنبه، وأما ﴿ الأزلام ﴾ فهي الثلاثة التي كان أكثر الناس يتخذونها في أحدها " لا " وفي الآخر " نعم "، والآخر " غفل "، وهي التي حبسها سراقة بن جعشم حين اتبع النبي ﷺ في وقت الهجرة، فكانوا يعظمونها، وبقي منها في بعض النفوس شيء ومن هذا القبيل هو الزجر بالطير وأخذ الفأل منها في الكتب ونحوه مما يصنعه الناس اليوم، وقد يقال لسهام الميسر أزلام، والزلم السهم وكان من الأزلام أيضاً ما يكون عند الكهان وكان منها سهام عند الأصنام وهي التي ضرب بها على عبد الله بن عبد المطلب أبي النبي ﷺ، وكان عند قريش في الكعبة أزلام فيها أحكام ذكرها ابن إسحاق وغيره، فأخبر الله تعالى أن هذه الأشياء ﴿ رجس ﴾، قال ابن زيد : الرجس الشر.


الصفحة التالية
Icon