وما وقع في الجُبَحْ المنصوب في الجبل من ذباب النّحل فهو كالحِبالة والفخّ، وحمام الأبرجة تُردّ على أربابها إن استطيع ذلك، وكذلك نحل الجِباح ؛ وقد روي عن مالك.
وقال بعض أصحابه : إنه ليس على من حصل الحمام أو النحل عنده أن يردّه.
ولو ألجأت الكلاب صيداً فدخل في بيت أحد أو داره فهو للصائد مرسِل الكلاب دون صاحب البيت، ولو دخل في البيت من غير اضطرار الكلاب له فهو لرب البيت.
السابعة احتج بعض الناس على أن الصيد للآخذ لا للمثير بهذه الآية ؛ لأن المثير لم تنل يده ولا رمحه بعدُ شيئاً، وهو قول أبي حنيفة.
الثامنة كره مالك صيد أهل الكتاب ولم يحرمه، لقوله تعالى :﴿ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ﴾ يعني أهل الإيمان، لقوله تعالى في صدر الآية :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ ﴾ فخرج عنهم أهل الكتاب.
وخالفه جمهور أهل العلم، لقوله تعالى :﴿ وَطَعَامُ الذين أُوتُواْ الكتاب حِلٌّ لَّكُمْ ﴾ وهو عندهم مثل ذبائحهم.
وأجاب علماؤنا بأن الآية إنما تضمنت أكل طعامهم، والصيد باب آخر فلا يدخل في عموم الطعام، ولا يتناوله مطلق لفظه.
قلت : هذا بناء على أن الصيد ليس مشروعاً عندهم فلا يكون من طعامهم، فيسقط عنا هذا الإلزام ؛ فأما إن كان مشروعاً عندهم في دينهم فيلزمنا أكله لتناول اللفظ له، فإنه من طعامهم.
والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾